اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 115
ببرهان أو شبه برهان على مثل هذا الاتهام، ونحن مطالبون بحسن الظّنّ، وحمل الأمور على أفضل محاملها، ما لم يتبين عكس ذلك، وليس الخلاف بيننا وبين حضراتهم فى هذه الناحية، بل إننا إنما نكتب على هذا الأساس الذى يدعو إلى التقدير والاحترام، وإنما الخلاف بيننا فى النتائج التى تترتب على هذا العمل الخطير [1].
[3 - الترجمة توحى لقارئها بأنها قرآن]
يقول حضرات أنصار المشروع: إننا لا نترجم القرآن ترجمة لفظية، بل إن ذلك مستحيل لاختلاف الأساليب والمصطلحات، ولكنا نترجم معانيه فقط.
ومعنى هذا أن المترجم إنما هو: تفسير القرآن لا القرآن. ويريدون أن يضعوا النص القرآنى العربى فى ناحية، والنص الفرنجى فى ناحية، على اعتبار أن هذا النص الفرنجى يقابل معانى هذا القسم العربى.
ونحن نقول: مهما حاول حضراتهم أن يبعدوا الصّلة بين هذا المترجم وبين النص العربى، فهو سيعتبر عند غير العربى قرآنا سيتلقاه على أنه قرآن، وسيفهمه على أنه قرآن، وسيتلقى منه تعاليم القرآن ومقاصد القرآن، وسيؤكد هذا المعنى فى نفسه أمرين أولهما:
أنه على نسق القرآن وترتيب سوره وآياته. وثانيهما: وضع النص العربى فى مقابلته.
وإذا جاز أن يقتنع العربى المعاصر بأن هذا المترجم غير القرآن لأنه لا يعرف القرآن إلا عربيّا، ويعتقد أن قدسية القرآن فى عربيته مع قرب عهده بزمن الترجمة، فهل يستطيع أنصار المشروع أن يقولوا: إنّ غير العربى سيعتقد هذه العقيدة، وأن الأجيال القادمة ستدرك هذا البعد كما يدركه المعاصرون، وهم يرون النصّين المتجاورين، ويرون التصديق من شيخ العلماء فى مصر [2] زعيمة العالم الإسلامى؟ اللهم لا. [1] لله در الإمام البنا رحمه الله، الذى يبين هنا أدبا من آداب الاختلاف، وهى: حسن الظن بالمخالف فى الرأى، وأين الذين يطعنون فى العلماء لمجرد الخلاف فى الرأى معهم، أو التشكيك فى نواياهم، من هذا الأدب السامى؟! وهذا ديدن الأئمة العظام دوما. انظر فى تفصيل هذا الموضوع كتاب" فقه الائتلاف" لصديقنا وأخينا المرحوم محمود الخزندار، طبعة دار طيبة بالرياض. وكتاب" كيف نتعامل مع التراث والتمذهب والاختلاف" للشيخ القرضاوى، طبعة مكتبة وهبة بالقاهرة. [2] يقصد بذلك الإمام الشيخ محمد مصطفى المراغى شيخ الأزهر آنذاك.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 115